"القراءة غذاء العقول "...مصطلح يتردد علينا كثيراً منذ أن كنا صغار لكي ندرك أهمية القراءة، هي غذا الروح والعقل والنفس وليس غذاء العقل فقط، بمقدورها أن تخلق لك عالماً خاصا تكون فيه البطل مره أو شخصية ثانوية مره أخري، بإمكانها أن ترفع مستوي هرمون السعادة لديك أو تصيبك بالاكتئاب أيضا، إذا تحدثنا عن أهمية القراءة لا تكفينا أيام للشرح ولكن سنكتفي بوصفها بأنها " رافعة الأمم" فما من أمة نهضت إلا بالقراءة.
ولكن هل تظل أهمية القراءة كما أدركناها في الماضي أم تقل؟!
في الحقيقة لم تعد كسابق عهدها . ولم يزداد القراء كما كان في الماضي فهناك تصنيف سلطت عليه الضوء مدونة warwick on Books Mal على الساعات التي يقضيها غالبية سكان الدول المدرجة على المؤشر في متوسط عدد ساعات القراءة بصفة أسبوعية وسجلت مصر معدل ٧ ساعات ونصف أسبوعياً في حين سجلت الهند ١٠ ساعات و٤٢ دقيقة أسبوعيا ، ولفت تقرير المدونة التي تتضمن مراحعات لأكثر من ١٦٠٠ كتاباً أن الروايات الأدبية والغير أدبية تأخذ الشعبية الأكبر .
وأصدرت تقارير لأحدث بيانات حول المؤشر العالمي للإنجاز الثقافي وضع مصر ضمن الدول العشر الأكثر قراءة للكتب عالمياً، حيث تحتل مصر المركز الخامس عالمياً.
نعم مازلنا متميزين عن بقية الدول العربية، ولكننا نطمح أن نحتل المركز الأول عالميا.
ولكن نري أن معظم الشباب يقرؤن فلما لا نحتل المركز الأول؟
وهنا تأتي جملة قد وضعتها كوصفٍ لحال القراءة في مصر " ليس كل القراءة قراءة" بمعني هناك بعض الكتابات لا تستحق أن تُقرأ أو يبذل شخصاً دقائق من وقته في قراءتها مثل ما يسمونه {سكريبت} على مواقع التواصل الاجتماعي يشتهر هذا النوع من الكتابة باللغة العامية، وهو عبارة عن عمود طويل جداً من الجمل الحوارية فقط، قد تجد سردا ضعيفاً بينها أو لا تجد.
هناك العديد من أنواع الكتابة منها الساخرة أو الفانتازيا أو المرعب أو الاجتماعي أو النفسي .........إلخ
جميعها أنواع متعارف عليها ولا يختلف عليها الكٌتاب وكل هذه الأنواع لا تخلو من السرد ويفضل السرد بالفصحي.
أما الحوار فلا يشترط أن يكون بالفصحي كما يقول الأدباء، ولكن الإسكريبت مُنافي لهذه القواعد فهو لا يحتوي سرداً ولا لغة .إذا اعتبرنا العامية لغة! الإسكريبت ليس إلا محادثة كتابية بين شخصين أو أكثر يمكنك أن تجربها مع صديقك على {الواتساب}. ربما يستمتع الأشخاص بقراءتها ولكنها ليست كتابة لأن قراءتها لا تضف إليك شيء لا تقوي بها لغتك أو يتأثر بها أسلوبك أو تنتفع منها بدروسٍ مستفادة حتى! فقط الاستفادة صفر ، وأيضا الروايات الرومانسية التي تٌكتب بالعامية المصرية لا تعتبر كتابة أدبية.
انحدر مستوي الكتابة فانحدر معه مستوي القراءة وتدهور زوق القارئ المصري تماماً، فالإقبال على مثل هذه الكتابات كبيراً جداً وبالمقابل مئات الكتب العلمية والدينية والروايات القيمة كساها التراب في المكتبات وأصبحت في نظرهم سيئة ومملة على الرغم من أنها تحتوي وصفا دقيقاً وسردا واضحاً ولغة متناسقة مع الحوار، وكٌتابها يزالون مهنة الكتابة منذ سنوات، ولكن أصبحنا لا ننبهر إلا بالأسوأ فأصبحت الروايات الرومانسية وروايات الرعب البسيطة أو الأقل من بسيطة ما
يبحث عنه القراء في المكتبات . والإسكريبتات وأصحابها هم ملوك مواقع التواصل الاجتماعي ويلتف حولهم مئات المعجبين والمعجبات ويطلقون على أنفسهم قراء!!
ولكن دور النشر والكٌتاب الأدبيين لم يقفوا صامتين أمام ما يحدث فبدؤا بنشر ثقافة الكتابة الجيدة، وقام بعض الكُتاب الشباب بعمل وِرش لتعليم أساسيات الكتابة ومساعدة الكاتب الصغير الذي لطالما حلم بالإرتقاء بكتابته ، وساعدته أيضاً في النشر. كل هذا في سبيل القضاء على وباء الكتابة الذي أصاب بعض الشباب ممن اعتبروا أنفسهم كُتاب يوصلون للقارئ شعور، في حين أنهم لم يحققوا ولو واحداً من أساسيات الكتابة.
إذا كنت تجيد الوصف الحسي والمعنوي ، أو لديك القدرة على إقناع قارئك بأن هناك عوالم خفية يمكنه الذهاب إليها ، بألفاظك ووصفك فأنت كاتب جيد ، لكن إذا كنت تتبع الطرق السهلة لإمتاع القارئ بضع دقائق فقط ببعض الكلمات المبتذلة التي كتبتها بالعامية السهلة دون أي ابتكار،
فردنا هو:
"عذرا يا صديقي لا يجدر بنا أن نطلق عليك لقب كاتب!"
نحن نسعى أن يدوم ذكرانا في القلوب وليس في العقول فقط فلا تبخل علينا بمهارتك . ولتطول مدة إمتاعك لنا فتبقي ذكراك حية حتى وإن انتهي عمرك.فكتابتك الجيدة تجعل قارئها متيم بك وبأسلوبك وكتاباتك .
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق