كتبت : اسماء حمودة
"مرض العصر"
من يقرأ ذلك العنوان سيعتقد أن وصفة اليوم هي عن التكنولوجيا، لا لن أتحدث عن ذلك فقد أصبح هذا الشئ مفروغ منه ولكن مرض العصر هو منا نحن ومن مجتمعنا وهو يفتك بنا أكثر من التكنولوجيا بكثير.
قال لي أخي ذات يوم جملة شعرت أنها واقع وواقع مؤلم فقد قال لي (أشعر أن المشاعر أصبحت مزيفة) لقد وضع يده بالفعل على منطقة الجرح، مشاعرنا أصبحت حلوة ورائعة إلى أن يحدث ذلك الموقف الذي يغير كل شئ.
فلنبدأ بالأخوة، لقد شد الله سبحانه وتعالى عضد موسى بأخيه هارون، واليوم نجد أن الأخ لا يشد عضد أخيه ولا الأخت تصبح سندًا لأخيها! فنجد أن بعض الأخوات يطمعن بإخوانهن وأخواتهن أيضًا وينتظرن موتهم حتى يرثنهم، والأكثر من ذلك يقتحمن منازلهم بعد موتهم أو مرضهم ليخرجوا أهلهم من تلك المنازل بدلًا من الوفاء لهم ببر أهلهم وذويهم فضلًا عن أكل حقوقهم، وهنا أصبح البعد والانفصال وقطع الأرحام هو الحل للنجاة من ظلم هؤلاء.
ونموذج آخر لتلك الأخت التي لم تتزوج حتى وصلت لأكثر من ثلاثون عامًا وظلت تخدم والدها المريض ليقرر ذلك الرجل أن يكتب المنزل الذي يعيشون به لها ليضمن حياتها بعد وفاته، وهنا يظهر دور الإخوة فهم قد أخذوا من والدهم ما يكفيهم للزواج وأصبح لكل منهم منزلًا ولكن هذا لا يكفي يجب أن يأخذوا إرثهم ووالدهم ما زال على قيد الحياة، ويجب أن تضيع أختهم أو تصبح ذليلة في بيت أحدهم بعد وفاة الأب حتى يكونوا راضين، وهنا يأتي دور المقاطعة والمهانة والنبذ لها، ونعود مرة أخرى لنقول أن المقاطعة هي السبيل للنجاة منهم.
والسؤال هنا : ألم يأكلوا هؤلاء من نفس الطبق ويشربوا من نفس الماء؟ ألم يلعبوا سويًا صغارًا ويكبروا معًا؟ ألم يدافعوا عن بعضهم البعض في الصغر عندما تعرض لهم أحد؟ ألم يكونوا كالبنيان المرصوص؟! كل هذا قد انتهى من موقف، وكل تلك الذكريات لم يعد لها وجود وكأنها ماتت، فأنت عندما يكون لك أصدقاء دراسة قدامى أو جيران كنت تلعب معهم في الطفولة تشعر بالحنين لهم فما بالك بالأخوة!!
فضلًا عما نرى من الأصدقاء، فتلك الصديقة التي تقتل صديقتها لأجل الحصول على وظيفة؟! أيعقل هذا؟! فنحن لا نتحمل رؤية قطة ماتت في الشارع.
بالفعل أصبحت المشاعر مزيفة بدرجة غريبة، نحن لا نعرف متى سيظهر شخص ما على حقيقته ولا نعرف من أين سيأتي الأذى من القريب أم الغريب، نحب كثيرًا تصيد الأخطاء لبعضنا البعض لنبرر لأنفسنا الغيرة والحقد، ندخلهم بيوتنا وتجعلهم مقربين ونأمن على أنفسنا وأموالنا بين يديهم ثم نكتشف تلك الطعنة التي تحني الظهر ولا تعيدنا كما كنا.
أستطيع أن أقول أنه إلى الآن لم يحدث معي مثل تلك الأشياء، فقد حفظني الله منها فالحمد لله أخوتي ما زلت أشد عضدي بهم وصديقاتي ما زلن على عهدهن معي، ما زلت أشكر الله إلى اليوم وأتمنى ألا تزول تلك النعم من حياتي فأنا بالفعل لا طاقة لي بقطيعة من أحبهم، والحمد لله أن علاقاتي ليست متشعبة بذلك القدر الذي يجعلني أعاني فمن طبعي ألا أؤمن للآخرين بسهولة، وأتمنى أن يبصرني الله بوجوه الناس الحقيقية قبل التعلق بهم، ولكني اليوم أحدثكم عن واقع وإن لم أعايشه بنفسي.
أعتقد أن الحل هنا يكمن في القرب من الله، فلا يخاف الفرد إن كان والده معه فما باله برب العالمين؟ عندما نقترب أكثر من الله ونخافه أعتقد أن هذا يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، فلا جعلنا الله ظالمين لأحدهم ولا جعل الله الظلم ينتصر علينا.
كان معكم : وصفة سوما
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق