كتبت : أسماء حمودة
"هدف"
هنا وفي إحدى الشركات طُرد أحد الموظفين لأنه ببساطة لم يحقق ذلك المدعو بال (target) فالشركة لها هدف محدد تريد استغلال ذلك الموظف من أجله، ولكنها لن تعبأ بظروفه وإمكانياته فصاحب هذه الشركة سيحقق الهدف مهما كلف الأمر، ثم ينتهي الحال بذلك الموظف بأحد الأمرين إما العمل في موقع لا يناسبه أو أنه لن يعمل من الأساس.
ذلك الهدف الذي يسعى وراءه صاحب العمل والذي سيرفع شركته عاليًا ثم سيرفع اسمه عاليًا ليجعله في السماء السابعة لن يدوم، سيتحقق كل ما يحلم به ثم لن يأخذ معه شيئًا في النهاية ولن يبقى معه إلا عمله الصالح أو الطالح، بالتأكيد كلما يعلو سيحقق الكثير ولكن ذلك عبارة عن عرض محدود المدة ولن يستمر معه للنهاية مهما بلغ من العمر.
أما ذلك الموظف الذي طُرد من العمل بالتأكيد هو الآن يلعن حظه ويلعن صاحب العمل ويتمنى الآن أن تنشق الأرض وتبتلعه، هو قد ضاع حلمه في بداية حياته وحزنه وصل لذروته، ولكنه إن فكر قليلًا أن ما حدث هو الصحيح والخير وأنه بالتأكيد سيجد نفسه في مكان آخر وأن كل ما عليه هو القليل من الصبر والاجتهاد أعتقد أن حزنه سيقل.
باختصار إذا كنت تريد شيئًا بشدة وظللت تسعى وراءه بكل قوتك وتدفع الغالي والنفيس في ذلك الشئ لن يتحقق لك إلا إذا كان لك من الأساس، أما إن لم يكن لم فلن يحدث حتى إذا سرت على رأسك لتحقيقه فلا ترهق نفسك بالتفكير، لقد كبرت ولم أحقق شيئًا، سأموت إن لم آخذ البطولة في تلك الرياضة، سأنتهي إن لم أتزوج بهذه الفتاة أو بهذا الرجل، لن يمنعك الله عن شئ إلا الخير ولن يقرب منك شئ إلا للخير، إذا صدقت ذلك سينتهي قلقك قليلًا فهناك من يدبر لك الأمر والرزق فلا داعي للقلق حيال ذلك.
مؤمنة جدًا بما يقدره الله لنا، وأصدق بتلك المقولة وأحبها (إذا أردت شيئًا بشدة فاطلق سراحه فإن عاد إليك فهو لك وإن لم يعد فهو لم يكن لك من الأساس) الأمر فقط يحتاج إلى التصديق أن كل شئ بخير ما دام هناك من يدبر لك الأمر وما دام هناك من هو بجانبك يؤازرك وقت الشدة ويشعر بالفرح لك بلا ضغائن، ما دام والديك أحدهما أو كليهما موجودان، مادام لك أخوة يحبونك فبالتأكبد لا شئ يستحق التفكير، فهذه الأشياء أثمن بكثير من ذلك الهدف الذي ينقصك في هذا الزمان، وحتى إن لم تكن العلاقات على ما يرام فيكفيك أنك مؤمن بالله فهناك الكثير من غير المؤمنين الذين تنتهي بهم الحياة للانتحار، أما إيمانك فيصبرك قليلًا على حياتك التي تدعوها بالبائسة فاحمد الله أنك مؤمن على الأقل.
أما عن الهدف الحقيقي الذي ينبغي أن نسعى إليه فعلًا هو يكمن في هذه الآية (فمن زُحزِح عن النار وأُدخل الجنّة فقد فاز) فلنحاول أن نجعل هذا هو الهدف وليس شيئًا آخر، لا يوجد أثمن من هذا في نظري ولا يوجد شئ يستحق العناء سوى رضا الله، لا يوجد ما يضاهي سيرة حسنة ودعوة صالحة من الناس لك تشفع لك عن الله سبحانه وتعالى، لكن السعي وراء الرزق والنجاح في شئ ما مهما كلف الأمر من صحتك ومالك ومبادئك وأخلاقك وكرامتك فهو لا شئ، هو في النهاية محض هراء مع أسفي الشديد على هذه المقولة.
وفي النهاية لا أقلل من شأن من يحلم ويحاول ويسعى لتحقيق هدفه فقد خلق الإنسان في كبد يسعى دائمًا لتحقيق ما يريد، ولكن في طريقك تذكر ألا تدفع الكثير إن رأيت نهاية ذلك الحلم، وتذكر أن الله يريد لك الخير فلا تحزن على ما فاتك سيعوضك الله خيرًا منه، وتذكر أيضًا أن ما حققته أو لم تحققه هو عرض محدود المدة.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق