-->

كما يحلو لك : أسماء حمودة

 كتبت : أسماء حمودة

"كما يحلو لك"


كما تعلمون فأنا من مدينتي المفضلة (بورسعيد) وهي مدينة صغيرة لا قبل لها بالقاهرة أو الإسكندرية مثلًا، لذا يظل كل شئ في عالمي محدودًا وصغيرًا كمدينتي، وكأن الله قد وضعني بهذه المدينة لما يعلمه عني من بساطتي فأنا بسيطة للغاية ولا أحب المغالاة بأي شئ، هذا بالفعل ليس من شيمي ولذلك وضعني الله هنا.

قبل أمس ذهبت للقاهرة في رحلة من تلك الرحلات ذات اليوم الواحد، نذهب ونتنزه قليلًا ثم نعد أدراجنا، وكعادة القائمين على هذه الرحلات دائمًا يذهبون لأحد المولات الكبيرة في تلك المدينة وذهبت هناك وبالطبع رأيت الكثير من الماركات العالمية لملابس الأطفال والنساء والرياضة وغيرها، القليل منهم اعرفه جيدًا لتردده على مسامعي والكثير منهم لا أعلمه بالطبع.

ولكني تساءلت في نفسي، ما الفرق بين الملابس من الماركات أو المقلدة التي لدينا؟! فجميعها بالنسبة لي ملابس لا أكثر وغرضها هو واحد ستر الجسد لا أكثر فلم المغالاة في الشراء بتلك الطريقة الاستهلاكية المزعجة؟ 

ما الفرق بين كوب من القهوة تشربه بخمسون جنيهًا وذلك الكوب الذي تقوم بعمله في منزلك أو تشربه من إحدى المقاهي بعشرة جنيهات؟! وما زال الكوبان يؤديان نفس الغرض وهو الاستفادة من الكافيين لإفاقة العقل أو تحسين خفض ضغط الدم لديك، بالنسبة لي لا يوجد أي فرق.

ستقول الفرق هو في جودة هذه المنتجات، ولكني سأسألك هل تضمن ذلك؟ هل تعمل في هذه الشركات لتعلم إن كانت الجودة فائقة أم أنها تستغل اسمها لتبيع لك بتلك الأسعار الباهظة فقط؟ لا نعلم ولا نضمن شئ بالفعل ولكننا ننساق وراء هذه الأسماء الكبيرة لأنها كبيرة فقط ولا شئ آخر.

الفكرة هنا في الاستمتاع بما تفعله، فذلك الكوب من القهوة عندما تشربه مع أبيك أو أحد أصدقاءك على أحد الأرصفة بالشارع ومع ذلك الكوب يكون هناك الكثير من الحديث والضحك وإزاحة الهموم عن النفس سيكون أفضل بكثير من ذلك الذي ستشربه في المول وتتباهى بأموالك ولكنك تشربه وحيدًا دون أنيس أو جليس.

وذلك الثوب الذي تشتريه وتفرحين به ويكون مريحًا لكِ في عملك ومنزلك ولن تحزني على أمواله إن مُزق مثلًا وستذهبين وتشتري غيره غير آبهة سيكون أفضل من ذلك الذي ستشتريه بالكثير من الأموال وإن حدث له شئ ستحزنين عليه دهرًا، الفكرة هنا في الاستمتاع بالشراء سواء من هنا أو هناك.

من الأفضل ألا تشعر بالفرق وتجلس لتنعي حظك الذي لم يأتي بك إلى هنا لتشتري وتستمتع، فالاستمتاع الحقيقي يكون بأي شئ تفعله لترضي قلبك حتى ولو كان بسيطًا، حتى ولو كان رخيصًا، لا تبالي فجميع الأشياء تؤدي نفس الغرض في أي وقت ومكان فلا تجعل في نفسك حرجًا من ألا تشتري من تلك الماركات، ولا تخجل أن تسأل إن كنت لا تعرف فليس مهمًا أن تعرف جميع هذه الأشياء إن كانت ليست من اهتماماتك، الحياة تكمن في تلك الأشياء البسيطة التي تفعلها مع من تحب وتسعد قلبك وكفى.

TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *