نايجل ...
أبي العزيز .. أمي الكريمة.....
حفظكما الله وأدامكما الله تاجاً فوق رؤوسنا، أريد أن أعرفكما على طائر قد سمعت عنه مسبقاً، ذلك الطائر كانت فصيلته مختلفة لذا وضعوه في منطقة بعيدة وحيداً، ووضعوا معه بعض التماثيل التي تشبهه كي لا يشعر بالوحدة، ولعل الطيور التي من فصيلته تنجذب لذلك المكان، ولكن ما حدث هو أن ذلك الطائر ظل وحيداً للنهاية، وصُنف من أكثر الطيور وحدة بالعالم هو الطائر (نايجل).
دائماً ما نسمع عن تلك القصة الحزينة، تلك القصة التي بنهايتها يُدان الابن بعقوق والديه، وتنطلق تلك العبارة من أفواه المجتمع (كما تُدين تُدان)، ولكن هل فكرتم يوماً ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة؟ هل تعرفون كيف كان هذا الرجل أو كانت هذه المرأة؟ فعندما يرى طفلاً ما والدته تُضرب أمام عينيه وتُهان وتُسب على مرأى ومسمع منه وهو ما زال لم يكمل السبع سنوات، هل سيصبح هذا الطفل رجلاً يحافظ على بر والده؟ بالطبع لا .. إلا من رحم ربي، لأننا بشر في النهاية وليس جميعنا على ذلك القدر من التسامح، سيكون بداخله نزعة انتقام لوالدته، وإذا كان ذلك الأب ذاته يعامل الطفل بقسوة ولا يحاول حتى تقبيله واحتضانه وإعطائه القدر الكافي من الحنان، فهناك دائماً مقولة نسمعها دائماً (الطفل يتبع الحنان) فالشدة أحياناً واللين كثيراً يشكلان الصحة النفسية للفرد، فكيف لطفل والده بهذه القسوة أن يحنو على والده عندما يكبر ويحتاج له، في الغالب لن يفعل الفرد ذلك ويساعد والده لأنه ليس ملاكاً، وإن فعل ذلك سيفعله ليرضي ربه ويفعل ما يتوجب عليه، ولكن تلك المساعدة لن تكون من قلبه.
لننتقل إلى تلك الأم التي تلعن حظها يومياً لأنها تزوجت مبكراً بإرادتها، تقول دائماً لماذا انتهى بي الحال هنا، زوجة تخدم زوجها لا تعمل وتربي أطفالاً ينهكونها كل يوم، ولكنها اختارت ذلك الشئ بحرية، لم يجبرها أحد عليه اختارت أن تتزوج مبكراً وتنهمك في منزلها وأطفالها وتنسى أن لها كيانها الذي تريد أن تكوّنه، كان اختيارها فقط ولا يمكن أن تلوم أطفالها عليه بعد ذلك، أو تتذكر بعد عدة سنوات من زواجها أن قطار الحب قد فات وهي لم تلحق به، فتبدأ محاولتها لتستعيد حبها المنهوب مرة أخرى، وفي حبكات الروايات المعروفة تصبح حبكة قصتها (حب أدى إلى آثام) وفي نهاية حياتها تبدأ البحث عن أطفالها الذين تركتهم أيضاً بإرادتها مسبقاً، ليقوم الابن بنفس الشئ، إما التخلي أو المساعدة على مضض.
ومن الآباء والأمهات من يضحي بكل شئ في سبيل سعادة أطفالهم، من يعطي كل شئ الحب والحنان والحياة المادية المريحة، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل سعادتهم، ولا يحملونهم أي أعباء فكوب الماء يأتي إليهم دون أن يقوموا من مجلسهم، ليكبر الطفل وعندما تُلقى عليه مسؤولية مساعدة والديه المسنين يبدأ بالتهرب منها أو إلقاء تلك المسئولية على غيرهم، فمع اللين والحب تأتي الشدة في تعليم الأخلاق والقيم والدين والعادات السليمة وليس العادات البالية، ليكبر الطفل لديه حس مراقبة لأفعاله، وليصبح فعالاً في المجتمع وليس عبئاً عليه.
ولذلك وصفتي اليوم هي لكَ يا أبي ولكِ يا أمي، لا تفعلوا خلال شبابكم ما يجعلكم تصبحون مثل (نايجل) في كبركم، فأنا لا أعتقد أن ذلك الطفل الذي كبر في رعاية وحب وتعلم الدين والأخلاق كما ينبغي، هو مثل ذلك الطفل الذي كبر ليجد نفسه ابناً لأب قاسي وصعب المراس، أو لأم لم تخطط لحياتها جيداً قبل أن تخوضها أو ليجد نفسه بين أباً وأماً يفعلان أي شئ لإرضاءه، فكل شئ سيحدث في هرمكم هو نتيجة لما فعلتموه مع أبناءكم في صغرهم.
# آسفة على بعض القسوة في الحديث
# كان معكم .. وصفة سوما.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق