بينما صوت
حركة القطار على
القضبان يسيطر على المكان ، وصوت
الباعة الجائلين يدوي في اذان المارة وصوت رضيع يبكي في
حضن أمه ، كادت أن تنفجر المحطة من صوته المزعج
وعدد كبير من البشر يجلسون على مقاعد
المحطة ينتظرون القطار ، منهم
الطلاب وكبار السن الذين كانوا مرهقين من الانتظار في هذا الوقت.
توجه شاب يبدو عليه في
منتصف العشرينات مع والدته الي محطة القطار ، ترك الشاب أمه
جالسة في أحد المقاعد وذهب ليحضر لهم بعض الطعام
، ظلت الام جالسة تنتظر ابنها لما يقارب ساعه
ولم يأت أحد ؛فطفقت تهرول بين الزحام لتبحث عن ابنها وهي تنادي عليه :- "سيد
انت فين يابني"
مشت الام مع المارين في الشوراع التي لا تعرفها ثم
سألت أحدهم :- "قطر السويس منين يابني"
رد عليها الشاب ذو الثلاثون عاماً:- "خشي
يمين من هنا يا امي "
وتركها حائرة وذهب ، ذهبت الام من الطريق الذي لاتعلم فيه شيئاً لتبحث عن
ابنها وهي مازالت تنادي عليه :- "ياسيد يابني تعالى متسبنيش "
ركبت الام القطار وهي تبحث في وجوه الناس عن ابنها
وفلذه كبدها ؛ بدا الناس وكأنهم ينظرون نظره حزن وشفقه على حالها ، جاء الشاب ذو
الثلاثون عاماً وهو يبيع السميط فأمسكت الام بيده فجأة وهو ينادي "سميط سميط " فتوقف ونظر إليها بإستنكار وتذكرها وقال لها
:- "ازيك يا امي عايزة سميط "
ردت وهي تكسو ملامحها الحزن وآثار البكاء كالأطفال :- " مشوفتش ابني يحبيبي "
قال وهو متعجب من أمرها :- " ابنك مين يا أمي
"
سكتت قليلا ثم قالت :- "ابني سابني عشان يجيب
أكل وماجاش تاني "
نظر بإستياء وسألها :- "ممكن توصفيلي شكله
وانا هدورلك عليه "
فرحت كالأطفال وأخذت تصف له شكله :- "عنده تلاتة وعشرين سنة، شعره طويل
واسود، بشرته
سمره وطويل ورفيع ، ولابس تيشيرت اخضر "
وسألته بعدها دون أن تعطيه فرصه ليتكلم :-
"اسمك ايه يابني " ؟
"اسمي عماد يا امي "
وقال لها :- " هدورلك عليه واجيبهولك تلاقيه
هو كمان بيدور عليكي يا امي "
ابتسمت له ابتسامه نقية ذكرته بأمه رحمها الله فبادلها نفس الابتسامة ثم اعطاها واحدة من السميط
بعد إلحاح منه اخذتها وهي تقول له :- "نسيت اقولك ابني ساب معايا ورقة خدها يمكن يكون في حاجة
تلاقيه منها "
اخد منها الورقه وهو يقرأها في نفسه :- "
اللي يلاقي امي يوديها دار مسنين انا خلاص معتدش قادر اخد بالي منها "
جحظت عينا عماد وقال وهو يؤنبه ضميره :-" ده
سايب رقم تليفون يا امي هدورلك عليه واجيبهولك "
شكرته الام مرات عديدة ودعت له دعوات كادت أن تشق قلبه من الألم، ذهب
عماد إلى آخر القطار وجلس يبكي لا يعلم كيف سيقول لها ؛ تنهد وذهب إليها ليخبرها
أنه لم يعثر على ابنها وسيأخذها لتعيش معه
في هذه اللحظة سمعت الام كلمه أمي من صوت تعرفه بل تحفظه ظهرًا عن قلب فكان سيد كان يجهش بالبكاء ويترجاها تسامحه فكان
دائما بجانبها ركب معها القطار حتى يطمئن عليها ولم يذهب عندما كانت تجلس في
المحطه بل كان يراقبها من بعيد قلبه لم يطاوعه أن يتركها، كله بسبب زوجته هي
من زرعت في عقله هذه الفكرة
السيئة، وأقسم على أن يطلقها وأخذته أمه بين
كتفيها تحضنه وتشم رائحته التي توحشتها وتزيل شوقها له .
جميل فاطمة اللهم بارك
ردحذفماشاء الله كاتبه واعده إن شاء الله ..اسلوب متميز
ردحذف