-->

صفقة رومانسية : أسماء حمودة

 "صفقة رومانسية"


تتعدد علاقاتنا، تتغير وننسى بعضها ونتمسك بالبعض الآخر.
فيما مضى تحدثت عن التماس الأعذار وقلت إن بعض الظن إثم، بالطبع هذا لا ينطبق على جميع البشر فمن الطبيعي أن نجد من هم ظننا بهم خائب دائمًا ولا يستحقون أن نلتمس لهم العذر.
نحن هنا نتحدث عن الصفقة، في اعتقادي أن الصفقات ليست للأعمال فقط بل هي في العلاقات أيضًا، نحن بني البشر لنا فطرة حتى ولو أنكرنا ذلك، ومن فطرتنا أننا لا نستطيع فعل شئ وحدنا فكما يقولون (اليد الواحدة لا تصفق).
من فطرتنا أننا في أعماقنا نريد مقابل ما نفعل وعندما نجد أن ما نفعله ليس له مقابل أو تقدير من الآخرين لن يصبح لدينا الشغف لفعله، فعندما يربي الأب والأم أبناءهم هم يريدون ألا يكونوا وحدهم عندما يكبرون، ويريدون بر أبناءهم وهذا حقهم المكتسب وليس نعمة نمن بها عليهم لأنهم قدموا كل ما يستطيعون تقديمه، وعندما نهتم بأخوتنا ونساعدهم ونحاول السؤال عنهم فنحن في أعماقنا نريد أن نجدهم عندما نحتاجهم وأن يسألوا علينا عند اختفائنا.
وهكذا في باقي العلاقات كالصداقة فلا تستمر صداقة إلا عندما نتأكد أن ما نعطيه من حب يرد إلينا بشكل أو بآخر، وفي الزواج هي تستند عليه وتطلب منه الرعاية والأمان وهو يطلب منها الحب والسكن وعندما لا يتوفر لدى أحد الطرفين ما يحتاجه الآخر لا تستمر تلك العلاقة.
سألني أحد أقربائي يومًا (لماذا لا تسألين علينا؟)، فكان ردي وقتها تلقائيًا (لكل فعل رد فعل) ولا أقصد بذلك الانتقام أو أنني ناقمة من عدم سؤاله، بل على العكس لا أحزن من ذلك أبدًا، ولكن لا تعاتبني بما لا تفعله لأنني أُحرج من التحدث خاصة أن قرابتنا ليست من الدرجة الأولى فسؤالي هنا يحرجني قليلًا، أما إذا كان الحديث متبادلًا فهنا أكون غير محقة.
وآخر لا يتحدث معي ولا أفعل ذلك بالمثل ولكن عندما نلتقي نتحدث وكأننا جلسنا معًا البارحة وأعلم أنني إذا احتجته في شئ سيفعله مسرعًا، فقد نشأت بيننا تلك الصفقة دون أن نعاتب بعضنا على ما لا نفعله.
ولي صديقة عاتبتها بمزاح أنها لم تتحدث معي منذ سنة تقريبًا ولكني لم أتحدث معها أيضًا منذ ذلك الوقت فقالت لي (أنت لم تتحدثي وأنا كذلك فعلى ماذا العتاب؟) ضحكت وقلت لها أن معها حق ثم أخبرتني بكل ما حدث في السنة الماضية  وكأن شيئًا لم يحدث.
من علاقاتي الغير متعددة أقول أن العطاء الغير محدود لشخص ما يأتي إلا من سابق عطاء غير محدود أخذته منه فبُنيت تلك العلاقة التي قامت على التضحية من الطرفين. 
علاقاتنا قائمة على صفقة رومانسية فنحن نريد أن نُحِب ونُحَب، ونريد الراحة مع من هم حولنا أما إذا تحولت تلك العلاقة لشخص يعطي فقط والآخر يأخذ فقط فهنا ستنتهي الصفقة عاجلًا أم آجلًا، فلنحاول إنجاح تلك الصفقة بالود والتراحم والتساهل، فلا تطالب غيرك بشئ لا تفعله أنت ولا تفعل شئ تشعر أنك تفعله وحدك لأنه لن تنال التقدير على هذا الشئ، فالإنسان عندما يألف عطاء يتوقف عن الشكر، ونحن عندما نألف نعم الله علينا نشعر وكأنها ستظل طوال العمر ولا نحمده عليها، فلا تألف نعمة غيرك ولا تطالب بما لم تفعله.
TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *