لا شئ يستحق : شهد نجم
ندى العُمر يناير 13, 2022 0
"ظلام ملئ فؤادي، كلهم ابتعدوا عني لم يرافقني أحد سوي الخوف و القلق طوال الفترة الماضية، انا لم أكن هكذا لم أكن بهذا الشخص الذي أنا عليه الأن يائس، حزين، محطم، بل كنت أكثر شخصاً يعرفه الآخرون مضحكاً لطالما رسمت البهجة علي وجوه الكثيرين وماذا أخذت في المقابل؟!
مع أول فرصة أجلس لوحدي أنهمر في البكاء، و ياليتهم يعلمون أن هذا الشعور يمزقني إرباً فبسببه لا أحكي همومي لأحد لا بل أتظاهر أنني شخص سعيد، لو كنت وجدت ولو شخصاً واحداً يفهمني و يري ما بداخلي من حقيقة"
أردف الدكتور بعدما انتهي من القراءة :
_ تلك الرسالة... أعتز بها كثيراً هي من أوصلتني لهنا، لقد كتبتها لنفسي عندما كنت في العاشرة، ذات يوم كنت غاضباً جداً أشعر بكل المشاعر السلبية فمسكت ورقة وقلم و كتبتها لنفسي.
صاح أحد الحاضرين يسأل :
_ ولماذا كنت متضايق لتلك الدرجة ؟
***********************
في ليلة شتوية باردة، تزينت الشوارع بالثلج الصغير المتساقط، كان يجري طفل صغير في عمر العاشرة مهرولاً يرتدي معطفاً رديئاً متسخا، و بين الخطوة والأخرى كان ينظر خلفه في خوف وقلق، و كلما ارتطم بأحدهم زاد خوفه أكثر ، حتى انطلق يجري مبتعداً ثم وقف أمام أحد الأبراج العالية ورفع رأسه لأعلى، حتي يبلغ نظره منتهي ذلك البرج العالي ، و الغريب أن الفتى لم يتردد في الصعود، صعد بسرعة البرج في حماس، كان يلهث من فرط التعب بسبب الصعود على السلالم ولكنه لم يتوقف ظل يدفع نفسه لأعلى و لأعلى أكثر وصل أخيراً لأقصى البرج، وما أن صعد حتى ذهب و نظر لأسفل في يئس و حزن امتلأ بهم وجهه، و بدأت الدموع تسيل فور وصله، أمسك الفتى بالحديد و حاول أن يقف علي حافة البرج ثم أغمض عينيه و بدأ يعد من واحد حتي خمسة،
واحد
اثنان
ثلاثة
أربعة
وفي المرة الخامسة وجد يداً تجذبه بشده ليلتفت خلفه ويفاجئ برجل جميل ذو ملامح طيبة ينظر له و يبتسم ثم قال له :
_ ما هذا... لماذا تريد أن تنهي حياتك بتلك السهولة ألست صغيراً؟!.. لماذا تفعل هذا بنفسك ؟
نظر له الفتى بعينين دامعتين ولم ينبس ببنت شفة فأكمل الرجل حديثه :
_أخبرني لماذا تفعل هذا؟
ظل الفتى صامتاً فاقترب منه الرجل خطوة ليبتعد الفتى بخوف عنه، نزل الرجل علي ركبتيه ليقترب من طول الفتى ثم قال :
_ لا تخف... أعلم لماذا لا تريد أن تتحدث أنت تعاني في مشاكل في التحدث أليس كذلك .
تعجب الفتى وقال بتلعثم و تأتأه بدى عليه بوضوح أثناء حديثه :
_ م... م... من... أ.. أ.. أنت..، و.. و. ووكيف..... ع. عر. ررفت؟
قال الرجل ومازلت البسمة تعلو وجهه..
_ ليس مهم من أنا، المهم لماذا أنا هنا الأن..ألن تشكرني؟
_و.. وو.. ولماذا... أشك.ر. رك؟
_ لقد أنقذت حياتك!
_.. م.. من.. ق.. قال... ل. لك... أن.. أنني.. ممتنٌ.. ل. لك علي.. هذا... لم... ا. أكن... أ. ا.. أريد.. أ. ا. أن. ينقذني أ.. أحدهم... أ. أر.. اريد... أن أموت..
_لا يا صغير... انت فقد لا تعلم قيمة الحياة سوف تشكرني علي ذلك لاحقاً، يمكن ليس الان ولا غداً.. ولكن سوف يأتي يوم يوم تكون سعيد فيه محقق كل ما تتمناه و ستتذكر ذلك اليوم جيداً و ستقول لنفسك كم كنت أحمقاً حينما فكرت في الانتحار...
أشاح بيده له في لا مبلاه ثم قال...
_ أ.. أنت... لا. ت. تعرف ششئ ععني.. ل. لا. تعرف... مماذا واجهت في حياتي .
فتساءل الرجل :
_ ولماذا لا تخبرني، مع أنني مصمم أنه لا يوجد سبب يستحق.
بدأ الفتى يحكي بتلعثم و تأتأة :
_أنت تقول هذا لأنك لم تمر بما مريت به، لقد هربنت منذ قليل، من أسوأ مكان في العالم وهو الملجأ الذي قضيت به عمري المظلم بأكمله، أنت لم تمر بشعور أن يسخر منك الجميع كل يوم بسبب طريقة كلامك، كلما تحدث أمام أحد أخذوا يسخروا مني ويضحكوا الأطفال في الملجأ لم يتركوني وشأني، كانوا يفعلون فعلتهم ويرموا بها عليّ أنا ، ولأنني ضعيف ولا أستطيع التحدث غير البقية ، كنت أعاقب في غرفة مظلمة ليومين، كانت غرفة باردة ، كنت أجلس في الزاوية وأبكي بمفردي، لم أشعر بحنان أحد يوماً، أكره هذا العالم أكرهم كلهم.
وبعدما أنهي كل حديثه بعد عناء حتي يوضح ما يقصده، اقترب منه الرجل و ضمه لصدره ثم قال...
_ اسمع يا بني، الحياة ليست كلها جميلة بها الأسود وبها الأبيض و أنت كان مصيرك أن تري الأسود أولاً صدقني أرجوحة الحياة لن تطيل وصولك إلى القمة بعد ذلك، أرأيت نفسك و أنت تثابر و تعافر حتي تصعد البرج لترمي نفسك منه، فحاول أن تتخيل معي اذا وفرت هذه الطاقة لتحاول تطوير نفسك وتتقبل نفسك كما هي،صدقني سوف وصبح شخصية عظيمة يقتدي بها في المستقبل....
صمت برهه ثم تقدم ثلاث خطوات والتفت ونظر لي وقال..
_ صدقني... أنا كنت يوماً مثلك أعاني ولكن لم أجد من يرشدني لا تفكر في ذلك مجدداً، تأكد دائماً أنه لا شيء يستحق....
وفجأة الرجل اختفي من أمام الفتي كأنة عطر رائحته جميلة تناثر مع الهواء..
*********************
حل الصمت بالقاعة الجميع لا يفهم شيء...
حتي أردف الدكتور مبتسماً :
_بالطبع الأن قد فهمتم أن الحياة لا تقتضي أن نحزن دائماً وأيضاً أن لا نفرح دائماً فكما يحتاج الانسان للفرح يحتاج أيضاً للحسن ولكن المهم أن لا يبالغ في الاثنان حتي لا يصل لتدميره، والأن كلكم بالطبع تريدون معرفة أين هذا الفتي، هذا الفتي يقف أمامكم الأن يلقي خطاباً أمام ملايين الجماهير في ندوة عن تطوير الذات، أتصدقون هذا أن كلام الرجل حقيقة لقد تحقق ما وعدني به..، لقد وصلنا لنهاية الندوة و حقاً لقد استمتعت بالحديث معكم....
فجأة وقف كل من بالقاعة و تعالي صوت التصفيق و الصيحات محيية للدكتور....
انتهت الندوة و كان أليكس و يليم و ليو يقفون يتحاورن...
قال أليكس..
_لم أكن أتوقع أن الفشل يستطيع انجاز هذا كله..
رد ليو
_و لا أنا الصراحة... أتعرفان لقد خطرت علي بالي فكرة الأن... أن أعيد افتتاح محل والدي... كنت قد فقدت الأمل أنا و اخوتي أن نفتحه من جديد بعدما احترق...
أضاف ويليم...
_ لما لا ليو.... و أنا و أليكس سوف نساعدك في افتتاحه من جديد..
نظر لأليكس وقال...
_ أليس كذلك أليكس؟
ضحك أليكس و قال...
_ بالطبع يا صديقاي...
تمت
نزل " ليو" و " أليكس " من الحافلة مهرولين، توقف ليو فجأة ليلتقط أنفاسه قائلا :
_ هيا.. ليو... أنت تؤخرنا.
رد الآخر و هو يلهث...
_ حسناً... حسناً.... دعني أستريح قليلاً لقد ركضنا كثيرا .
أعاد أليكس كلماته :
_ لم يعد هناك وقت... أسرع... سوف تبدأ الندوة بعد قليل.
_ هيا بنا...
تسابق الاثنان حتي وصلا لحرم الجامعة و دخلا ليقابلا صديقهم الثالث " ويليام" والذي استقبلهما متسائلا :
_أين أنتما الندوة سوف تبدأ بعد قليل..
فأجابه أليكس ممتنا :
_حمد لله أنها لم تبداً بعد، فدكتور" چاك ويلسن" من أكثر الشخصيات تأثيرا في حياتي
فقال ليو وهو يحمل كتاب :
لا أصدق حتي الأن أنه قبل أن يلقي ندوة في جامعتنا، من المعروف عنه أنه كثير الانشغال عادة ما يستقر في الخارج. مكتوب هنا أنه ثاني أنجح رجل في العالم.
وبعد قليل، امتلئت القاعة الضخمة بعدد هائل من الجماهير منتظرين ظهور الدكتور " چاك"....
_ لا أصدق يا ويليم أنني سوف أراه..
هكذا قال أليكس في حماس .
وبعد دقائق ظهر رجل أربعيني ذو ثياب أنيقة، فتعالت صيحات الجمهور محيون له لتبدأ الندوة، ألقي عليهم التحية ثم بدأ في الحديث :
_سعيد حقاً بوجودي معكم اليوم، يمكن أنها ستكون من أقرب الندوات لقلبي فاليوم سأتحدث معكم عن أغرب قصة حدثت لي في حياتي و لكن قبل أن أبدأ أود أن أسئلكم سؤالا، هل شعر أحدكم قبل ذلك بيأس لدرجة أنه فقد الشغف في الحياة ؟
حل الصمت المفاجئ في القاعة، ثم بدأ عدد ليس بالقليل من الحاضرين برفع يده.
ابتسم الدكتور ثم أردف :
_كنت أتوقع ذلك ، و ما سأخبركم به سوف يكون صادم، إنني كنت واحد من هؤلاء الأشخاص ، نعم لقد فكرت في الانتحار ، و الأغرب من ذلك في مثل هذا اليوم تحديداً كان نفس اليوم الذي قررت أن أنهي به حياتي.
تعالت صوت الهمهمات في القاعة و أخذ الحاضرين يتسألون ، حتي رفع أليكس يده ثم نهض و قال :
_دكتور أنا لا أفهم ، أنت من أنجح رجال العالم كيف هذا؟
ضحك الدكتور ثم وجه سؤالا لأليكس
_ما اسمك؟
_ اسمي أليكس.
_ اسمع يا أليكس... هذا النجاح الذي وصلت إليه اليوم أكبر دليل علي فشلي في الماضي.. اسمع سوف أحكي لك قصة لم أحكيها ولا مرة من قبل...
ثم أخرج من حقيبته ملف به دفتر قديم لونه أزرق و بدأ يقلب في صفحاته و رفع صوته يقرأ علي الحاضرين ما في الدفتر.
TAG
# قصص نوفيستوري
# قصص نوفيستوري
قصص نوفيستوري
قصص نوفيستوري
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق