أنا هويت- قصة- سلمى وليد

كان الجيرامَافون يتباهى كعادَتِه بنقاءِ صَوت السَيد دَرويش وهو يُغَني " انا هويت وأنتهيت وليه بقي لوم العزول ".

كانَت مُغلِقةً لعَينيها وقتَها، مُنصِتةً لصَوت الدَرويش مُدمِعة العَينين، بِضعّ مِن الدَقائِق كَانَت كَفيلة أن تَصِل إلي نَشوِة الشَوقِ التي تَحتَاجها لتَفتَح عَينيها وتَسيل دَمعة حارِقة هارِبة مِنها دون استئذان لتَنظُر إلَيه.

يَبتَسِم كعادَتِه تِلك الابتِسامة المُبهِرَة ذات الغَمازَة الظاهِرة في خَدِه الأيسَر.

كَأن الغروب العَسلي بِعَينيه يَتلَألأ مُنيراً لروحِها.

كَم كَانَت تَكفي نَظرة واحِدة مِنهُ لتَجعَلها تَبتَسِم مَهما كَان شُعُورِها.

كَان يَستطِع أن يَجعل الدُنيا أحلي لِمُجَرَد رؤياها إيِّاه، بِمُجَرَد أن يَأتي اسمَهُ في وَسَط مَوضوع لِلحَديث فَكَانَت تَضحَك كَالبَلهاء ويَظهَر حُبَها في عَينَيها.

"افرَح يا قلبي كان لك نصيب تبلغ مُناك ويَّا الحبيب".

كانَت تَترَدَد تِلك الجُملَه بأرجاءِ قَلبَها كُلَما تَذَكرَته، كُلَما سَنحَت لَهُما فُرصَه اللِقاء، كُلَما سَمَح العُمر لَهُما كانَت دائِما ما تَترَدَد.

-يرضيك؟، لو يرضيك انا راضية.

=ميرضينيش الا رضاكي عني.

-وانا رضايا برؤياك.

"أنَيتُ، قالَت كَم تأنُ أجَبتُهَا هذا أنينُ مُفارِقٍ بالمَوتِ حَس

قالَت وَمَا يَشفيك؟ قُلتُ لَها اللِّقاء

قالَت ازيدَكَ بالوِصَال فَقُلتُ بَس؟

فتَبَسَمَت عَجَباً وقالَت وَصلي لَن تَرى فهذا أمَرُ مِن أخذِ النَّفَس، قرَأت سُعادُ بضِدِ ما أقرأ، انا أقرأ ألَم نَشرَح فتَقرَأُ ليِّ عَبَث".

كَم كانَت الأغاني دائِماً مَا تَوصِف كُل حَيَاتِها، كانَت دائِماً مَا تَجِد أُغنِيَهً بشَكلٍ مَا لِتُفَسِر حَياتِها.

 تتذَكَر آخِر لِقاء، السَلام الأخير والنَظرَات المُطَوَلَة.

"لو كنت بس ساعتها عارف ان دي المرة الأخيرة مية مية كانت هتفرق في الوداع".

الجَهل نِعمَة لَكِن لَم يَكُن مِن المُفتَرَض أنَه جَهلٌ بِفُراقَك!، لَقَد تَعَاهَدنا عليَّ السَير مَعَاً أخَذَلَتَك قَدمَاك؟ أم أن طُرُقَك غَيرُ مُمَهَدَة؟

="طالما هتعمل الحجات اللي انت في طبيعتك العادية مبتعملهاش تبقي بتحب؛ الحب شجاع وجريء والحب اللي يخوف مينفعش!"

وانا مبخافش، انا بحبك..

"في لقاك الدنيا تجيني معاك، ورضاها يبقى رضاك؛ وساعتها يهون في هواك طول حرماني"

كَم كَانت كَلِماتِه مُفعَمَة بالأمَل وَكَأنَ الشَمس بَزَغَت مَرَة أُخرَي مِن بَعد ظُلمَة كَانت اكتَسحَت البِلاد دَهراً؛ هَكَذا تَبدو الوِعود وَردية تُجَمِل الحَيَاة بِما تَحتَويها مِن حِروفٍ تَجعَل مَعاني الحَيَاة مُفَصَلَة.

وكأي وَعدٍ لَم يَسلُك طَريق الصِدق، أو فَلنَقُل الحَق!.

لَم يُرِد الصِدق أن يُلعِن الطَريق فَوَعرَ