إنها ابنتى - عطر - ذات الخمس سنوات أكبُرُها بخمسة عشر عاما أو لعله أكثر، فلديّ عمران، عشرون أو قد أكون ما يقرب من الرابعة و العشرين.
عطر كان من قبل اسم لُعبتى المفضلة، عروستى التى لطالما قضينا أمتع الأوقات معا، رفيقتى التى ضممتها وحنت عليَّ هى الأخرى أكثر مما حنت عليَّ أُمى منذ لُفظتُ منها و كأنها حين طردتنى من رحِمها طردتنى من رحمتها، عندما كنت بعمر عطر " الابنة " كنت أشغل معظم وقتى أغزل الفساتين الواحد تلو الأخر لعطر " الدمية " و يالها من متعة ! ، كنت طفلة أكبر همها فى الحياة هو توفير كِساء لعروستها الصغيرة .
أتذكر ذلك اليوم - و كأنه البارحة - حين كنت بالثالثة عشر من عمرى حين ألبست "عطر" أجمل ما غزلت لها وأخذتها إلى الخارج حيث أولاد الحيّ، كلٌ يتباهى بما صنع للعبته المفضلة، لعبنا سويا ومرِحنا كثيرا وكانت عطر لا تفارقنى و إذ به يقترب منى حاملا بيديه ماكيت - تصميم - لبيت جميل وحديقة واسعة ملحقة بالبيت ولمَّا كان على بُعد سنتيمترات قليله جدا منى بحيث لا يستطيع أن يقترب أكثر بحكم العادات ، أجلسنى وقال " ما قولك يا سيدتى الجميلة إذ وضعنا عروستك الفاتنة تلك فى ذلك البيت فيكون مِلكا لها "
فرحت جدا وقلت بعفوية الأطفال " مرحى مرحى وقد أصبح لعروستى بيت دون الغير "
فابتسم بعض الشئ وقال " وهل ترضين أن تعيش عروستك بمفردها وحيدة، ألا تحتاج إلى فتى جميل يؤنس وحدتها ؟ "
جعلت أمص فى شفتيَّ، و إصبع السبابة على جبينى يصدر صوتا كصوت عقارب الساعة .... تك تك تك ...
و قلت و قد تجعَّد جبينى إثر الدهشة " لا أدرى ولكننى سأظل معها كيف لها أن تشعر بالوحدة فى وجودى!!!!!
فضحك الفتى وأعطانى التصميم وقبل أن يغادر وضع كفه على رأسي تاركا إياها تسقط ببطأ على شعرى المنسدل وقال لى " ستعرفين يوما ما يا عروستى "
تعجبت كثيرا لما ينادينى بعروستى ذاك الغريب ولكن ذلك التعجب لم يدم طويلا وفرحت ببيت عروستى الجديد وهرولت عائدة إلى بيتى حتى لا يخطتفه أحد الاولاد اللذين أخفقت أمهاتهم فى تأديبهم.
كبرت و صرت بعمر يقرب الرابعة عشر و نصف سنة إضافية ولم تفارقنى عطر بعد وبدأت أول ملامح الانوثه تطبع على روحى وجسدى ، إذ بى أراه ذاك الفتى مرة أخرى ، أتذكره جيدا فطبيعة مرحلة الطفولة تمتاز بأن كل خاطرة تدخل تحفر مكانها بداخلنا ولا تخرج لذلك كانت قسمات وجهه تشغل أحد أهم أرفف ذاكرتى وكان حينها يجلس بجوار أبى وأمى وعمى الأكبر، ذلك الأخ الأكبر لأبى حيث تتحول الأجواء من فرح إلى ترح أينما وُجِدَ هو ......
حين وقع نظرى علي الفتى الذى أعرف قلت ..
" هذا أنت يا فتى ، كيف حالك ! ، انا أحتفظ بالبيت الذى أهديتنى إياه حتى يومى هذا ، شكرا لك أنا احبه كثيرا فأُجلِس فيه عطر فى حالة انشغالي عنها ولكن ليس لوقت طويل " ثم بدأت أُخفض من صوتى قليلا وأقتربت من أذنيه قليلا بعد وقلت له بعفوية الأطفال " ألم تُحضر لى شيئا أخر كالذى سبق " .......
ضحك فى هدوء وقال" أحضرت لكى ذاتى ......."
قلتُ فى تعجب " وفيما تُستخدم هذه ، أيصلُح أن أطبخ فيها لعطر ! فلا أُخفيكَ سرا ، هى لا تحب طبخ أمى ولكن إياك أن تخبر أمى فتوبخنى "
رد عليَّ فى لين ما عهدته من قبل " لا تقلقى يا حلوتى لن أفعل "
قلت فى مرح " حسنا اتفقنا .."
طلب منى أبى أن أجلس معهم قليلا فجلست و عطر بجوار أمى فسألنى أبى على حين غفلة منى بما يجرى بينهم من الأحاديث .....
* ما رأيك فى وجيه يا صغيرتي .......
# من وجيه ؟ ......
* لوَّح الفتى إليّ بيده ليجذب انتباهى و قال " إنه أنا وجيه " ....
هللت و هللت " إنه صديقى الآن يا أبى .........."
# تحبينه إذا ....؟
* نعم أحبه فقد أهدانى بيتا لعطر ، ومن يحب عطر أحبه ....
# حسنا هذه أخبار جيدة فلتذهبى للعب الآن يا ابنتى ...
* حسنا إلى اللقاء ....
بعد اسبوع من ذلك التجمع المهيب فُوجِئت بأمى تدخل غرفتى وأخذت تجردنى من ثيابى القطعة تلو صاحبتها، لا أعلم لما و أخذت تضع ماده غريبه على جسدى تفردها ثم تنتظر - أغلب الظن - دقيقتين ثم تنزعها وكانت تؤلم بشدة وأنا أصرخ و لكنها لا تبالى........
وبعد أن انتهت وجدَتنى أبكى بشده فقامت و أحضرت لى فستان أبيض جميل كالذى ارتدته زوجه عمى الأصغر فى زفافها ، يبدو جميلا جدا، أثر قلبى ، وقد أحضرت معه أدوات تجميل فرحتُ بهما كثيرا وراح ألم جسدى فى ثوانٍ وكأنه لم يكن .........
فى المساء جاءت أمى وعمتى وألبسونى الفستان الجديد و لطخوا وجهى بأدوات التجميل تلك ، كنت يومها كسندريلا التى أراها على التلفاز ، رقصت وغنيت وكذلك العائله وفى اخر الوقت أتى الفتى ، ذلك الذى سبق أن دعاه أبى أمامى وجيهًا ووضع يده فى يدى وسار بجانبى
حتى دخلنا غرفه يملؤها الرجال ، كبار الحي سناً و أكثرهم وقاراً ، فأجلسنى وجيه بجانبه وأخذ الرجل الوقور إصبعى وغمسه فى قطعه إسفنج محدودة الأبعاد تحوى ماده زرقاء ليتلون باطن عقلة إبهامى العليا باللون الأزرق و أجده يطبع بها على ورقٍ لا أعلم ما هويته وبعدما انتهينا جلسنا على كرسيين والأصوات من حولنا تتعالى فى صخب ثم ذهبنا إلى بيت مُزيَّن بورود وأثاثه جديد وبه لمعان يخطف الأنظار ، فى غمرة انبهارى بالبيت وجدت أمى تبكى وتحتضننى وكذلك فعل الباقون ولم أجد ردة فعل مناسبة سوى البكاء حتى و إن لم يكن على خبر ، تركونى معه فى بيتنا الجديد و ولُّوا ، لمحت أمامى طعامًا يبدو أنه شهيّ من بعيد فما يكون إن اقتربت! .....
أخذنى وجيه و توجهنا ناحيه الطعام أكلنا كثيرا ثم قال لى أنه لابد ان أُبدِّل ثيابى فوافقت فأدخلنى غرفه و أعطانى ملابس غريبه لأرتديها كبديل لفستانى ....
كان تصميمها غريبا لفت انتباهى من الوهلة الأولى
* ما بال هذه الملابس ممزقة! ...
# لا يا عزيزتى الغالية، ليست ممزقة إنها جديدة وستبدو أجمل عليكى .....
* حسنا سأجرب ......
ارتديتها على جهل منى بما صُنعت لأجله و وجدت وجيه قد دخل إلى الغرفه و أحكم إغلاق بابها وقبل أن أتلفَّظ بحرف واحد حتى قام بما قام به ............
الشيء الذى فهمته بعد ذلك ولكنه لم يكن طبيعيا ، كان بالنسبه لطفلة فى عمرى حينذاك بمثابه اعتداء و انتهاك لعِرض؛ و لضعف جسدى و هوانى فشلت فى الدفاع عن نفسي .
مع فهمى لتلك الحادثة - فيما بعد - فهمت أيضا لما لديَّ عمران ، ذلك لأنهم اضطروا أن يذيدوا على عمرى ثلاث سنوات أو أكثر أثناء عقد القران وذلك لأن السن القانونى للزواج يبتدأ من الثامنه عشر فما فوق ، كى يكملوا جريمتهم زوَّروا عمرى ولا أخفيكم سرا هم لم يزوِّروا عمرى فقط بل حياتى أيضا. ......
علاقتى بوجيه كانت إلى حد ما معتدلة و لكنها أيضا لم تكن تخلو من بعض علوِّ الصوت أو إرتفاع يده لتلطم وجهى حينا .....
فات الأوان و كان ما كان وأجد الآن عزائى الوحيد فى ابنتى عطر ملاكى الصغير البرئ الذى لن أسمح ان يُنتهك مثل ما حدث معى ولو على جثتى....
لا سامحك الله أبى ....
لا سامحكِ الله أمى.....
طعنتونى منذ كنت فى الخامسة عشر وما زالت خناجركم فيَّ تؤلمنى حتى وقتنا هذا لم ينتزعها أحد .....
كنت فى ذروة مرحى ولعبى و طفولتى لأجد نفسي تحولت فى غمضة عين إلى أنسة صالحة للزواج أو غير صالحة لا يهم وكأننى انتقلت عبر آلة للزمن و تجاوزت بعض سنوات من عمرى فى غمضه عين ........
جريمه فى حقى أُقسم ان أُدافع لينالَ مرتكبوها ما يستحقونه من العقاب وسأظل أُدافع - ما حييت - عن حق كل طفلة فى العيش والهناء بعيدا عن قسوة و جهل الآباء ......
بجد حلوة اوي اوي ماشاء الله ♥️♥️♥️
ردحذفروعة🖤👏🏻
ردحذف