وردة سودة : هبه محمد

كتبت: هبه محمد.

"وردة سودة"

لدى أستاذ بالجامعة يتحدث كتابه عن الشعر فى بداية العصر الأموى ، يثبت الدكتور فى أحدى فصول الكتاب أن حب قيس لليلى مجرد شعور وهمي أو ستار لمشاعر أخرى أكثر مصدقية ، دعونى أفسر لكم وجهة نظره ، فبعد تولى الأمويين ، أعترض أهل العراق بشدة على الحكام الذين حاولوا دفع المال لهم لكنهم رفضوا و لم يبقى للحكام غير أستخدام العنف معهم لكبح ثورتهم و تمردهم فدار عراك بينهم أدى إلى موت البعض من أهل العراق ، الذين تمسكوا بدينهم عكس ما حدث فى باقى الدول الإسلامية فى ذلك الوقت و عاشوا فى عزلة شديدة .

 ما علاقة هذا بقيس و ليلى ، قيس كان هناك حيث هذه الصراعات ، قيس شعر بالأهانة و بفشل ثورته و كان بداخله مشاعر يأس , فراغ  , أنعزال و وحدة و لم يقدر حتى على التعبير أو كتابة أشعار ضد الحكم ، لسبب ما أختار الوقوع فى قصة حب فاشلة ليرمز لها بجميع مشاعره هذة , بمعنى أن عقل قيس الاواعى أجبره على الوقوع فى حب ليلى بعيدة المنال , لتمثل ليلى مشاعره المقهورة ليعبر عن نفسه من خلال ليلى ، وكانت مجرد رمز للبلدة , رمز للثورة , رمز لكل شئ داخل قيس لكن لا يمكنه التعبير عنه.

فى قصة لأحمد خالد توفيق يقول أن كل أساطير الأغريق كانوا يحاربون من أجل إثبات ذاتهم و ليس من أجل فتياتهم , مثلاً هرقل أحقاً حارب كل هذة الأهوال لأنقاذ حبيبته من الموت ؟ أم لكى  يثبت لنفسه و للناس أنه بطل خارق ؟

هناك رأي فلسفى يقول أن معظم علاقات الحب التى تحدث بين ديانتين مختلفتين لا تحدث لأن الشخصان أحب بعضهم الأخر فعلاً , بل تحدث لأن كلاً منهم يريد أن يتمرد على تلك القواعد ، البشر يكرهون القواعد و يرغبون دائما فى التمرد عليها و إثبات أنهم أقوى منها .

نعم الحب ليس الدافع الكافى ، هكذا كان أستاذى يقول , لا أعرف هل هذا حقيقى أم لا ، لكن ماذا عنك أنت ، لم تحب حبيبك ؟ هل تحبه لأنك تريد أن تشعر بلذة النصر بعد الوصول له وحسب,  لتثبت أنك قادر على خوض هذه التحديات ، هل تخوضها من أجله أم من أجل ماذا؟  أنا لا أعرف , كل ما أعرفه أن الله خلق الحب بين أدم و حواء لسبب واحد لا غير ، و هو أن يعمروا الأرض بالخير , هم و ذريتهم  , أن يسعوا لملئ الأرض زرعاً  و بيوت دافئة و مجتمع رحيم ، كل ما أعرفه هو أن  ليس من فطرتنا الدمار و الصراع , قل لي كيف سوف نعمرها و نحن نتقاتل ، كان على الإيمان بوجود هذا الحب الصافى لكى أستمر فى السعى لتعمير الأرض حتى و إن أدعينا الكفر بالحب و نعتناه بأقذر الصفات , فتلك الأفعال فى ظاهرها تقرب الي الله و فى أعماقها العكس , إن كان الأمر ملتزم بحدود الله بالطبع .

أظن أنى سوف أكتب لهذا المعلم الاجابة التى يريدها فى الأمتحان و لكن سوف آمن دائماً بوجود هذا الحب الصافى لسبب بسيط ، و هو لما أختار قيس ليلى أكانت هى الفتاة الوحيدة الممنوعة عليه ؟ لا أظن ذلك لم أختارها عقله الاواعى ربما سبب أختياره لها بالتحديد لتعبر عن ما به فى حد ذاته حب لها.